لا شكّ في أنّ الامتحان البسيخومتري يفحص، وبالدرجة الأكبر، قدرة الطالب على التعامل مع الضغط النفسيّ. مع هذا، قد يستخف الطالب بأبعاد ذلك على نتيجته في الامتحان، مرتكبًا بذلك خطأً فادحًا أثناء عملية التحضير والدراسة للامتحان.
فبما أنّ الضغط يرافق الامتحان نفسه فلِمَ لا نشركه بالدراسة له؟ طبعًا، علينا القيام بذلك مع الحفاظ على الدرجة القصوى الملائمة لإشراكه، فكما يبدو هنالك درجة مثلى للضغط، والتي معها يكون الأداء الأفضل في الامتحان. لنشرح كيف تبدو “دالة التوتّر” (أرسمها برأسك): المحور الأُفقي يبيّن مستوى التوتّر لديك بلحظة معينة، والمحور العامودي يبيّن مستوى الأداء الخاص بك بلحظة معيّنة. الدالة هي دالة منحنية يقع رأسيها على المحور الأُفقي (تبدو مثل رسمة “تلّة”). الجزء الأول (التصاعدي) من الدالة يصف العلاقة المباشرة بين زيادة التوتر وزيادة الأداء السليم كنتيجة لذلك. لكن بعد درجة معيّنة، من شأن كل زيادة إضافية بمقدار التوتر أن تتسبّب في الخوف المبالغ وبالتالي التقليل من مستوى الأداء السليم (القسم التنازلي من الدالة). من الدالة نستنتج أنّه مع التوتر باعتدال سنؤدّي أفضل من كوننا مطمئنّين – ومن هنا ينتج مصطلح “التوتّر الايجابي”.
هدفك هو الأداء الأفضل في الامتحان، لذا عليك تجنّب الخوف المفرط والذي سيرغمك على تخصيص الوقت الأكبر للتفكير والقلق بدلاً من الدراسة المُركّزة، وبالتالي، مع دراسة قليلة أو غير كافية سيزداد التوتر أكثر… وهنا تتكوّن الحلقة السلبيّة .
…فما العمل ؟
بدايةً : لا تضخّم الأمور !
أنت تتقدّم “لامتحان بسيخومتري” وليس لعملية جراحيّة – ففي أسوأ الأحوال توجد دائمًا الفرصة لإعادته (وإعادته مرّة أخرى…وأخرى). لن يحدّد الامتحان شخصيّتك، ذكاءك أو حسن أخلاقك، فهو ليس إلاّ مقياس لاحتمال قبولك لمختلف المواضيع في الجامعة.
ثانيًا : نظّم وقتك !
حضّر جدولاً مقسّمًا لأسابيع ومن المفضّل تجزئة كل يوم فيه لساعات وتعبئة أوقات فعاليّاتك أثناء النهار. أشر في الجدول لأيّام الدورة، وكذلك أشر لأيام وساعات العمل وأمور أخرى لا مفرّ منها. إجعل الجدول ينتهي بتاريخ الامتحان. بعد تعبئتك لفعاليات لا غنى عنها، ابدأ بتخطيط الوقت المتبقّي للدراسة بفترات متقطّعة، مع تكريس بعض الوقت للأكل والاستراحة بين ساعات الدراسة.
ثالثًا : الرياضة للجسم السليم والعقل السليم !
من أجل التخفيف من وطأة الخوف الشديد هنالك أهمّية بالغة للنشاط الجسمانيّ. تعود أهمّية الرياضة لمادّة الإندورفين التي تفرز من الجسم اثناء الجري السريع والعدو، وهي تساعد في التخفيف من التوتّر. إنّ نشاطًا كهذا قد يفيد في أي وقت، ولن تصدّقوا ما مدى سرعة التحسّن الذي سيطرأ على نفسيّتكم الاّ حتى تباشرون بتحريك عضلاتكم.
رابعًا : فلتهيّئ الظروف المثلى !
يفضّل البعض منكم الدراسة ليلاً أو قد يضطر لذلك، فيجب الانتباه الى أنّ الامتحان سيقام في ساعات النهار، وتوجد أهمية بالغة للدراسة بظروف ملائمة لتلك التي في الامتحان، هذا وتوجد أهمّية فائقة لساعات النوم المنظّمة للحفاظ على سلامة وصحّة الجسم والذهن.
تنظيم الوقت للدراسة اليوميّة سيؤدّي لروتين يساعدك على التغلّب على التوتّر النفسي في لحظات الضغط، كما وهنالك دور للغذاء في الحفاظ على هدوء الأعصاب، فالعديد من المواد التي تؤخذ من الغذاء تستحضر لإنشاء أدوية لعلاج الإحباط والخوف الزائد، نذكر منها: الموز، الأرز، منتجات الحليب وبعض الخضاروات…
خامساً : استعن بمن حولك !
إنّ الدورة التحضيريّة للبسيخومتري تساهم في ضمّ فئات تتشارك بنفس الظروف والحالات النفسيّة بإطار تعليميّ واحد، وإنشاء أجواء اجتماعيّة بين مجموعة يتضامن أفرادها لنفس الهدف ستكون ذات تأثير إيجابيّ لا محال. وإن كنت لا تلتحق بدورة، يمكنك الاشتراك بمنتدى خاص بالبسيخومتري… عند التعبير والكشف عن شكوك تراودنا مع جماعة منهمكة بنفس الشكوك يسهل التعامل والتغلّب عليها، “فمعرفة أنّك لست وحدك في المصيبة هذه نصف مصيبة”. أمر آخر قد يساهم بالتغلّب على هذه الشكوك هو مشاركة أفراد العائلة أو الأصدقاء بكل ما يدور في ذهنك من شكوك ومخاوف، فهم يصغون ويدعمون. أي أنّه رغم التصرّف السائد بالانغلاق على الدراسة والانعزال عن المجتمع، الاّ أنّ البيئة الاجتماعية تلعب دورًا حيويًّا خلال فترة الدراسة.
… وأخيرًا، لا تدع التوتّر يعرقل سيرك لمستقبلك، فالعمل، التكرار والدراسة بانتظام سيهيّئون لك الطريق لفتح الأبواب الأكاديميّة والوصول لمستقبل ناجح بجيل مبكّر.
بالنجاح الباهر !